المقامة العَسَسيّة ! ( المقامات الحجازيّة - 3)
المقامة العَسَسيّة ! ( المقامات الحجازيّة - 3)
كتبهاعادل حجازى ، في 4 يوليو 2011 الساعة: 11:14 ص
حدثنا
مكسور بن النِسَوى , الوزير المذعور , والفاشل المَعرور, الزعيم السابق
لهيئة المحابس , والرأس الحالى لهيئة النفخ والمكابس , فى بلاد الهلس ستان ,
الأشبه بالبيمارستان , قال : سألنى أحد ٌ من الناس , ما هو المقياس ,
لاختيار فردٍ من أفراد العسكر الوطنىّ , وعُنصر من عناصر الحرس الملكى ّ ,
فقلتُ : الصمم ُوالعَمَى , صفتان لحماة ِ الحِمى , والبلادة والخّرس ْ ,
صفتان لازمتان للحرس ْ , وصفات أخرى كثيرة , غير حسن الذكر والسيرة , فقلنا
: يا نسوى ّ زِدْنا , وبالعلمِ المبين أفدْنا , ربما نشّأنا أولادنا على
ما تريدون ,وإنا فى دربكم لَسَائرون , فالجُنْدُ فى بلادنا فى أعلى درجات
الشرف , وما عداهم من الناسِ فى أعلى درجات القرف , والجُنْدُ فى بلادنا
يشتكون من طغيان الترف , و الناس يشتكون ميزان العدل الذى انحرف , فقال
مكسور بن النسوى : لا نَخْتَارُ – أبدا – الفقير ابن الفقيرْ , فالفقير –
غالبا – حقيرْ , قد يستحل ُ الحرامَ ، ليأكلَ الطعامَ , ويستنزفُ الناس
َويرتشى , ليستمتعَ و ينتشى ، ومن لا يُهاديَهُ الذهبَ والفِضّة ْ ,
تَنَالُه من بَطْْشِه عَضّة , لا يعرفُ معنىً لشرف العذارى البَضّة ,
ونفسُه أمام َ السوءِ طريّّة ٌ غََضّة , من كلِ إناءٍ يغْتَرِفْ , ومن كلِ
ذنب ٍ يَقْتَرِف , اما الشبعان ابن الشبعان , فصاحبُ عينٍ ملآن , نفسُه
أمامَ المال ِزاهدة , ولا تَغرّه القدودُ الناهدة , والأيّام و السنونُ على
ذلك شاهدة , فاعترضه قائل : هذا قولٌ زائل , فالبحرُ يُحِبُّ الزيادة ,
والنفسُ لا تملُّ الخصورَ الميّادة , ولا القصورَ المُشادة , ولا الجواري
العَوّادة , فانتفض النِسوَىّ غاضبا , وصبره مما سمع ناضبا , وقال : إذن لا
أنصحُ لكم , وأترككم وعيالكم , فلمّا طيّبوا نفسَه عاد ,لحديثِ الحرس
والبلاد , قال : والشرطُ الثانى :العافية ,والقوةالعقليّة الكافية ,
فكانت الاختبارات , لمعرفةِ اللياقة والمهارات ، فهذه نَطةُ النهر , وهذه
قيادة المُهر , وهذه رقصة المجنونة , وهذه أسئلة ملعونة ,وهذه قفزة فوق
النار , وهذا اختبارُ ذكاء الحمار , ورمى النبال من خلف الجبال , والمشى
حافيا فوق الرمال , ثم السؤال الأخطر , والفوز للأشطر ، مَن ْ أقرباؤك
فى الحَرس ؟! , فان كان الجواب هو الخَرَسْ , فالوداعُ ثم الوداعْ , وإن
كانت الَقرابة , قويّة جذّابة , فله ستهفو القلوبُ والأسماع , ثم بعد
القَبول ، تكونُ الدراسةُ للأصول , أولها : كيف تكتسب المَهَابة , بهَرْسْ
الناسِ الغلابة ، منها على سبيل المثال ، عندما تُخالط الأرذال , لا تبدأ
أحدا بالسلام , ولا تُنْهي جُلوسَك بالقيام , لإىَ أحدٍ كان ، فى كل زمان ٍ
ومكان ، وتَجَهّمْ لو داعَبوك ، واصمُت لو كلّموك ، ولاتحْضِر مجلسَ
الأفراح , و لا مجلسَ الأتْراح ، وإن رأيتَ جائعا وفى يديكِ مُضْغَة ,
فألْقِها جانبا واضْرِبْهُ بالبُلغة ، ولو رأيتَ عاريا فى البرد يرتعش ُ ,
فدَعْه ُ عُريانا للأرض يفترش ُ ، وإن رأيتَ مُفْلِسا فاحْجُر عليه , وإن
رأيت مُبذّرا قبّل يديه , واعْلَمْ ان الضعيف خُلِقَ ضعيفا ولا يستحق ُّ
سوى الضَعْف , والغنى ّ داهيةُ ذكىّ ولا يستحق سوى الضِعْفْ , وليكن لك فى
كل مكانٍ عينا ، تُخْبرك الخفى َّ من الأمورِ متى وكيفَ وأين َ , ثم عليكَ
بقاموس الشتائم , جَهلُك به أمّ الهزائم , وعلى قََدْرِ البطش تأتي العزائم
، فالسبّ مهارة الأذكياء , والضرب فنّ الأقوياء , والقهر و الإجبار علمٌ
جبّار , كيف تسحل ُ دون أثرٍ أو علامة , كيف كيف تنحر إنسيّا وتّدَكُّ
عظامّه , دون خوفٍ من يوم القيامة , كيف تنافقُ رؤسائك بابتسامة , وتدعو
لهم بالراحة والسلامة ، وأنت تلعنهم وتكرههم كما يكره المرءُ إعدامَه , كيف
تنسفُ النفسَ اللوّامة , والجنديُّ المُنْضَبِط ْ , بالأوامر يَغتبط ْ ,
لا يُناقش ولا يسألُ ولا يُحاول الفّهْمْ , بل يُطيعُ قائدَه كما يُطيعُ
الرامى َ السّهْمْ ، فإن كانت هذه سيرتُك أيَها الجنديّ العزيز , فستمضي
مسيرتك كطائرةٍ لها أزيز , وفى انتظارِك فى النهاية منصبٌ رفيع , لا ينالُه
المدنى ّ الوضيع , واليا على ولاية , ناظرا لإقطاعية , يا واسع الدراية ,
ستملك الرعيّة , فالسطوةُ معك –ابدا- قويّة , لذيذة ٌ وشهيّة , من الميلاد ِ
إلى الممات , وفيما مضى وما هو آت , أنتَ أنتَ البطلْ , ودونك زُبَالَة ٌ و
هَطَل ْ , فضجّ الناسُ بالتصفيق , لهذا الرجل الصَفيق , وأيقنَ العقلاءُ
القليلون , أننا جامدون , وعلى ما نحن فيه من الغباء مُسْتَمْسكون , وأنّ
أصحاب ّ الحق فى الدنيا نادرون , وَوَحْدَهُم وَحْدَهُم فى هذا التيه
المسكون , وهذا العالمُ المجنون , وإنّا لله وإنّا إليه راجعون !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التصنيفات : المقامات الحجازية | أرسل الإدراج | دوّن الإدراج
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
تسمع فيروز ؟!
هنا
تعليقات
إرسال تعليق